.وبناءً عليه: فأول اعتقاد يجب عليك في مسألة الأسباب وآثارها هو أن تعتقد أنها مؤثرة لكن لا بذاتها، وهذا هو خلاصة القاعدة الأولى.
... القاعدة الثانية: كل من اتخذ سببًا لم يدل عليه شرع ولا قدر فشرك أصغر وإن اعتقده الفاعل بذاته فشرك أكبر.
... أقول: وهذه القاعدة مهمة أيضًا في باب الأسباب وآثارها.
... وبيانها أن يقال: إن المتقرر في القواعد أنه لا خالق إلا الله تعالى، وقد ذكرنا سابقًا أن الأسباب لابد لها من آثار.
... وبناءً عليه: فمن اعتقد أن هذا الشيء سبب لهذا الشيء، فإن دعواه هذه موقوفة على إثباتها بأحد دليلين، إما بدليل الشرع وإما بدليل القدر أي التجربة، فإذا أثبت هذه الدعوى بأحد هذين الدليلين قبلنا كلامه واعتقدنا سببية هذا الشيء لهذا الشيء، وأما إذا لم يكن هناك دليل يثبت صدق الدعوى لا من الشرع ولا من القدر فإن كلامه مردود عليه مضروب به في وجهه ولا كرامة له، بل ونقول له: إن اعتقادك هذا شرك أصغر؛ لأنك تدخلت فيما هو من خصائص الله تعالى، فالله تعالى هو الذي يربط بين الأسباب وآثارها، فلابد لاعتقاد سببية شيء لشيء من دليل شرعي أو قدري، وأما أن يزعم أحد سببية شيء لشيء بلا دليل، فهذا تدخل فيما هو من فعل الله تعالى وإقحام للنفس فيما قد اختص الله به، وأقل أحواله أن يكون شركًا أصغر، وهذا هو معنى قولنا: (( من اعتقد سببًا لم يدل عليه شرع ولا قدر فشرك أصغر ) ).