فهرس الكتاب
الصفحة 595 من 614

.. وهذا العذر عذر عام في الأقوال والأفعال الكفرية التي أكرهت عليها، لا في الأقوال فقط، فإن هذا تخصيص للدليل بلا مخصص، والآية وإن نزلت على سبب خاص، فإن المتقرر في القواعد: (( أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) ).

... والخلاصة: أن الإرادة شرط والإكراه مانع، والله أعلم.

... الخامس: القصد، ومعناه أن يقول الكفر قاصدًا حقيقة ذلك القول، وأما من سبق لسانه بقول شيء من ألفاظ الكفر بلا قصدٍ فلا شيء عليه، وهو الخطأ، فالقصد شرط والخطأ مانع، والله تعالى لا يؤاخذنا إلا بما تعمدت قلوبنا، وأما الخطأ فهو معفو - ولله الحمد والمنة -، قال تعالى: ? وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا ?، ولما قال الرجل: (( اللهم أنت عبدي وأن ربك ) )، قال - عليه الصلاة والسلام - معتذرًا عنه: (( أخطأ من شدة الفرح ) )والحديث متفق عليه من حديث أنس - رضي لله عنه وأرضاه -.

... ووجه الاستشهاد من ذلك: أن هذا الرجل قال هذه الكلمة الكفرية بلا قصد، وإنما أخطأ في هذا القول من شدة الفرح الذي داخله، فعُذِر لأنه لم يك قاصدًا حقيقة هذا القول، والله أعلم.

... السادس: عدم التأويل، ومعناه أن يتلبس العبد بشيء من الأقوال أو الأفعال التي هي كفر من غير قصد لذلك، ويكون سببه القصور في فهم الأدلة الشرعية دون تعمد للمخالفة، بل هو يعتقد صواب نفسه وأنه على الحق، وقد قال العلماء: كل متأول فليس بآثم، بل هو معذور بتأويله، بشرط أن يكون تأويله مما يسوغ في لسان العرب، وهذا العذر يجب النظر فيه بعين الرحمة للخلق الموجبة لبيان الحق بيانًا شافيًا كافيًا، مع العلم بأن الأفهام تختلف والمسائل قد يشتبه بعضها ببعض.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام