.. واعلم أن التكاليف منوطة بالاستطاعة، وليس في استطاعة العبد أن يمنع من ابتداء مثل هذه الوساوس الشيطانية، لكنه مكلف بما هو داخل تحت قدرته واستطاعته، وهو عدم العمل بها ولا التكلم فيها، ومكلف بقطع الاسترسال معها وبمجاهدتها بالطرق الشرعية، وهذه نعمة عظيمة ومنحة جليلة فالوصية لمن وقع له شيء من ذلك أن لا يؤثم نفسه، ولا يجعله في عداد الذنوب والخطايا، فإنه عفو بنص الصادق المصدوق ?، لكن بالشروط المذكورة: وهي أن لا يقارنه عمل، ولا يقارنه قول، ولا يقارنه استرسال، بل يبادر بقطع التفكير فورًا، والله المستعان.
... السادس: أن يتجنب العبد ما يثير مثل هذه الوساوس، ومن ذلك: السؤال عما لا يليق كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: (( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله ) )؟ فمبدأ الأمر مطلوب وهو السؤال عن العلم، ولكن الانسياق وراء هذه الأسئلة حتى تصل الحال بالعبد إلى هذه المرحلة المغلقة، فهذا هو الممنوع وصاحبه هالك؛ لأنه هو الذي تسبب في إثارة ذلك بالتنطع بمثل هذه الأسئلة وفي الحديث: (( هلك المتنطعون ) ).
... ومن ذلك: تجنب قراءة أو سماع الشبه في الأسماء والصفات خاصة، فإن هذه الشبه تخطف القلوب وتطمس نور البصيرة، وخصوصًا في وسائل الإعلام، فاحذر من ذلك كل الحذر، فلا تفتح الباب على نفسك، فإنه إن فتح فإنه لا يكاد يغلق إلا بكلفة، وأقبل على المعين الصافي والمورد العذب الشافي، وهو كتاب الله وسنة الحبيب ?، وأَكْثِرْ من قراءة كتب السلف، فإنها تعطيك العلم صافيًا لا شوب فيه ولا كدر.
... ومن ذلك: كثرة الجدال في باب الأسماء والصفات بلا علم ولا برهان، وهذا أمر ممنوع شرعًا، وهو عنوان الخاسرين المخذولين الذين لم يرد الله بهم خيرًا.