فهرس الكتاب
الصفحة 585 من 614

.. فإذا كان مثل ذلك قد عرض لبعض أصحاب رسول الله ? وهم في عصر العلم، فلأن يعرض لمن هو دونهم في العلم والإيمان من باب أولى، فلا ينزعج العبد من مثل هذه الوساوس أو يتهم نفسه بقلة الإيمان أو أنه ضعيف التقوى، كل ذلك لا يدل عليه مثل هذه الوساوس، بل العكس هو الصحيح، وهو أن مدافعتها ومقابلتها بالعلاج الشرعي هو صريح الإيمان، كما قال - عليه الصلاة والسلام - مطمئنًا لمن سأله عن ذلك: (( ذاك صريح الإيمان ) )، بل إن حرص الشيطان على إثارة مثل هذه الوساوس عليك دليل على وجود الإيمان الذي أخافه وأجلب بخيله ورجله عليه.

... ولما سُئل ابن عباس عن السبب الذي جعلنا نوسوس واليهود والنصارى لا يوسوسون قال: (( وماذا يريد الشيطان بالبيت الخرب ) )، فلو كان قلبك خاليًا من الإيمان لما حرص على مثل هذه الوساوس، فأبشر بالخير ولا تخف ولا تنزعج، فإن النتائج طيبة والعاقبة للمتقين، والله المستعان.

... الخامس: أن تقنع نفسك وتذكرها دائمًا أن هذه الوساوس لا أثر لها ما دامت في حيز حديث النفس ووسوسة الصدر، ولم تقرن بعملٍ أو قولٍ أو استرسالٍ تستطيع أن تدفعه عن نفسك، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: (( إن الله تبارك وتعالى تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم ) )وفي رواية: (( ما حدثت به أنفسها ) ). وهذا من عظيم فضله جل وعلا وتبارك وتقدس.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام