فهرس الكتاب
الصفحة 575 من 614

.. وما وقع الجبرية في القول بالجبر والقدرية في نفي القدر إلا بسبب تقعيدهم للقاعدة التي تقول: (( كل مراد لله فهو محبوب ) )وهي قاعدة باطلة، فلم يفرقوا بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية وغير ذلك، فلأنهم قعدوا هذه القواعد المخالفة للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة ضلوا وتاهوا في كثير من أبواب الاعتقاد، وأما أهل السنة - رفع الله نزلهم في الفردوس العلى - فإنه لما كانت كل قواعدهم مستمدة من الكتاب والسنة كانوا هم أهل الهدى والحق، فاللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم وثبتنا على صراطهم المستقيم إلى الممات، والله أعلى وأعلم.

... السابع: كثرة الجدال والخوض بالباطل بلا علم ولا برهان مع التعصب المقيت وحب رفع الذات ولو كان الحق في خلاف ذلك، وهذا سببه ضعف التعبد لله تعالى وعدم تجرد النفس من الهوى، قال تعالى: ? ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون ?، وقال تعالى: ? وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ?، وقال - عليه الصلاة والسلام: (( ما ضل قوم بعد هوى إلا أوتوا الجدل ) ).

... فالمجادل بلا علم ولا برهان ضال، لم يرد الله به خيرًا، وهذه الطوائف تجادل بعد بيان الحق واتضاحه كل الوضوح، ومع ذلك فلا يزالون من الحق في حيص بيص، فكيف إن قيل؟ وماذا لو كان كذا؟ وهب أنه كان كذا وكذا فماذا يقال؟ وغير ذلك من الأسئلة الجدلية العقيمة التي تزيد القلوب شكًا وتطمس نور البصائر، قال تعالى: ? يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ?، فكلما ازداد هؤلاء جدالاً كلما ازدادوا ضلالاً، ولذلك قال الغزالي وقد كان كبيرًا من كبرائهم: (( أكثر الناس شكًا عند الموت أهل الكلام ) )ا. هـ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام