فهرس الكتاب
الصفحة 574 من 614

.. فالهوى إن لم يكن مضبوطًا بالكتاب والسنة فإنه مدخل إبليسي واسع، وباب فتنة عظيم يجر على أصحابه العلوم الفاسدة والأعمال الطالحة، ولقد عصم الله تعالى بمنه وفضله وحسن توفيقه أهل السنة من هذه الأهواء وسد أبوابها؛ لأنهم يعتمدون ما اعتمده النص لا ما اعتمده الهوى، ويتبعون ما جاء به النص لا ما قرره الهوى، قال تعالى: ? أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ?، وقال - عليه الصلاة والسلام: (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به ) )، فاستعذ بالله من هذه الأهواء، وليكن قائدك الدليل، عافانا الله وإياك من كل سوءٍ وبلاء.

... السادس: تقعيد القواعد المخالفة للمنقول والمناقضة للمعقول، فتجد هذه الطوائف الضالة تقعد بعض القواعد ثم تنزل عليها أدلة الكتاب والسنة وتلوي أعناق الأدلة حتى تتوافق مع هذه القواعد، وإذا كانت نتائج هذا الإنزال لا تتناسب مع مذاهبهم فإنهم يقعون في الأدلة ردًا وتحريفًا وتعطيلاً وجحودًا، كل ذلك حتى لا تنخرم هذه القاعدة، فيحرفون كلام رب البشر صيانة لكلام حثالة البشر.

... ومثال ذلك أن القاعدة المتقررة عند عامة أهل الكلام أن الاتفاق في الأسماء يستلزم الاتفاق في الصفات، وهي قاعدة باطلة كل البطلان نقلاً وحسًا وعقلاً، لكنهم قعدوها وورثوها من فلاسفة اليونان الذين لا عقل عندهم ولا نقل، فلما أنزلت أدلة الصفات على هذه القاعدة وبانت نتائجها رضي بها أهل التمثيل فمثلوا وأباها أهل التعطيل فعطلوها، فما وقع أهل التمثيل في التمثيل إلا بسبب هذه القاعدة، وما وقع أهل التعطيل في التعطيل إلا بسبب هذه القاعدة، وما وقع المرجئة والوعيدية في إنكار زيادة الإيمان ونقصه إلا بسبب تقعيدهم للقاعدة التي تقول: الإيمان جزء واحد فلا يزيد ولا ينقص، فخالفوا بهذه القاعدة أدلة الوحيين وعطلوها عن مدلولاتها الصحيحة صيانة لهذه القاعدة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام