فهرس الكتاب
الصفحة 572 من 614

.. وهذا السبب وإن كان داخلاً فيما قبله إلا أنني أفردته بالذكر حتى لا يقول قائل: إن بعض هذه الفرق تذكر في مذاهبها واستدلالاتها الكتاب والسنة، فذكرت لك لتعرف أن الاهتداء بالكتاب والسنة كافٍ لوحده بلا منابع أخرى تكدر صفوه، فهذه الطوائف لم تقصر أمور اعتقادها على الكتاب والسنة، بل أخذت بغير الكتاب والسنة في كثير من المسائل، فالطائفة الأولى سبب ضلالهم تركهم الأخذ بالكتاب والسنة أصلاً، والطائفة الثانية سبب ضلالهم تشريكهم في الأخذ من الكتاب والسنة أصولاً أخرى ومناهج مختلفة ومخالفة، والله أعلم.

... الثالث: عزل أدلة الكتاب والسنة عن فهم السلف الصالح، فهم وإن أخذوا بآيات القرآن والسنة لكنهم لا يفهمونها كما فهمها السلف الصالح، وإنما اخترعوا لها فهمًا آخر يكون في كثير من أحيانه مناقضًا المناقضة التامة لما فهمه السلف، وهذا كثير جدًا.

... وقد ذكرت لك سابقًا أن فهم السلف شرط في فهم الكتاب والسنة وبخاصة مسائل الاعتقاد، فلابد من هذين الأمرين، فإن الهداية تحصل بمجموعها وهما: الأخذ بالكتاب والسنة، ويكون ذلك الأخذ على فهم سلف الأمة، فهؤلاء الضالون في أبواب الاعتقاد وإن أخذوا ببعض الكتاب والسنة إلا أنهم لم يفهموها الفهم الموافق لفهم السلف، وهذه طامتهم وتلك بليتهم، فإنهم اغتروا بفهمهم وتكبروا بذكائهم الفطري المجرد عن هداية الكتاب والسنة، فضلوا وأضلوا، ولله در أبي العباس - رحمه الله تعالى - لما وصفهم بقوله: هؤلاء أقوام أتوا فهومًا ولم يؤتوا علومًا، وأتوا ذكاءً، ولم يؤتوا زكاءً، لهم سمع وأبصار وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء. ا. هـ بمعناه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام