.. وأما مسلك الهالكين الزائغين فهو اتباع هذا المتشابه واعتماده والصدود عنه ومعارضة المحكم به ابتغاء الفتنة للمؤمنين وابتغاء تأويله، كما وصفهم الله تعالى بذلك في قوله: ? فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ?، وفي الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: تلا رسول الله ? هذه الآية: ? هو الذي أنزل عليك الكتاب ... ? فقال: (( فإذا رأيت ) )وعند مسلم: (( فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله تعالى فاحذروهم ) ).
... فاسلك منهج الراسخين في العلم فإنه النجاة والسلامة، جعلنا الله وإياك منهم.
... المسألة الثانية: اعلم - رحمك الله تعالى - أن التشابه الخاص أمر نسبي - أي باعتبار صاحبه -، فإنه قد يخفى على بعض أهل العلم ما لا يخفى على البعض الآخر، وقد يكون متشابهًا في حق البعض ما هو محكم في حق الآخر، وهذا يفيدك أنه - أي التشابه الخاص - أمر نسبي - أي بالنسبة إلى صاحبه -، وبه تعلم أن التشابه ليس وصفًا ذاتيًا في الدليل - حاشا وكلا -، بل الأدلة في ذاتها واضحة كل الوضوح ومحكمة كل الإحكام، وإنما التشابه حصل في ذهن المجتهد - أي الناظر في الدليل -، وذلك لقلةٍ في العلم وضعفٍ في الفهم، بدليل أنه يتفاوت بين مجتهدٍ ومجتهد، فليكن ذلك منك على ذكرٍ فإنه مهم جدًا، والله أعلم.