.. ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا
... ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
... ثم قال: (( لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فلم أرها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، اقرأ في الإثبات ? الرحمن على العرش استوى ?، ? إليه يصعد الكلم الطيب ?، واقرأ في النفي: ? ليس كمثله شيء ?، ? ولا يحيطون به علمًا ?، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ) )ا. هـ.
... ويقول الآخر منهم: (( لقد خضت البحر الخضم وتركت أهل الإسلام وعلومهم وخضت في الذي نهوني عنه والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لفلان وها أنا أموت على عقيدة أمي ) )ا. هـ.
... فهذه بعض اعترافات كبارهم كالغزالي، والجويني، والرازي، والشهرستاني، واعترافاتهم هذه دليل على فساد المذاهب الكلامية، ورجوعهم إلى مذهب السلف بعد توغلهم في عمق الفلسفة، دليل على صحة مذهب السلف وأنه المتوافق مع الفطر السليمة والأفهام المستقيمة، والله أعلم.
... الوجه الثامن: أن السلف هم ورثة الأنبياء والمرسلين، فقد تلقوا علومهم من ينبوع الرسالة الإلهية وحقائق الإيمان، ولا يمكن أبدًا أن يكون الحق إلا مع هؤلاء وإلا لفسدت العلوم وهلكت البشرية كلها، فإن الخلف قد تلقوا ما عندهم من المجوس والمشركين وضلال اليهود واليونان، أفيكون أعداء الله تعالى وأعداء الرسل أعلم وأحكم وأهدى من الرسل وأتباعهم؟ لا والله هذا لا يكون أبدًا ولا يمكن للعقل السليم أصلاً أن يتصوره، بل إن الذي ندين الله تعالى به أنه لا يجوز أصلاً عقد المقارنة بين المذهبين؛ لأن مجرد عقد المقارنة تنقيص لمذهب السلف ولقد أحسن القائل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره
... ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصى
... فكيف بمن يفضل مذهب الخلف على السلف؟ فالله المستعان.