.. الوجه الثالث: أن العقل السليم من الآفات والعلل والشبه والشهوات يفرض فرضًا قطعيًا لا نقاش فيه ولاشك ولاريب يخالطه تقديم الكتاب والسنة على كل شيء وألاَّ تعارض بقولٍ أو فعل أو قاعدة كلامية أو مذهب ما، وهذا هو حال أهل السنة والسلف الصالح - رضوان الله عليهم -، فإنهم يقدمون النقول على العقول وعلى آراء الرجال وعلى المذاهب وعلى شهوات النفوس، فالنص عندهم هو الأصل وغيره الفرع، وهو الميزان وغيره الموزون، وهو المتبوع وغيره التابع، وهو الأول والمقدم، وغيره الثاني والمؤخر، ولا تجد مذهبًا أو فرقة من الفرق إلا وعندها من مخالفة المنقول الشيء الكثير، إلا أهل السنة والجماعة، وهذا يدل على صحة منهجهم وسلامة طريقهم، لأنه متوافق مع العقل السليم كل الموافقة، وما وافق العقل السليم فهو صحيح؛ لأنه لا يتعارض العقل الصريح مع النقل الصحيح، فقد توافر في منهج أهل السنة توافقه مع النقل وتوافقه مع العقل السليم وتوافقه مع منهج خير القرون.
... الوجه الرابع: في بعض روايات حديث الافتراق الذي يصح لمجموع طرقه وتلقي الأمة له بالقبول والاعتماد، أن النبي ? قال: (( كلها في النار إلا واحدة ) ). قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: (( من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ) )، فهذا النص يشهد أن من كان على مثل ما كان عليه النبي ? وأصحابه فهو الناجي، وإنك إذا نظرت إلى سائر الفرق لن تجد فرقة إلا وعندها من المخالفة لما كان عليه النبي ? وأصحابه الشيء الكثير، سواءً في اعتقاداتهم أو أعمالهم، إلا أهل السنة والجماعة، فإنهم الفرقة الوحيدة التي هي على مثل ما عليه النبي ? وأصحابه في الاعتقاد وفي العمل، وهذا يفيد أنها الفرقة الناجية، ونجاتها دليل على صحة مسلكها وسلامة منهجها، فإن النجاة ثمرة السلامة في الاعتقاد والعمل، فهم الناجون بشهادة الصادق المصدوق ?.