.. الوجه الثاني: أن منهج السلف متوافق كل الموافقة مع ما كان يعتقده الصحابة والتابعون وتابعوهم، ومن المعلوم أنهم - أي الصحابة والتابعون وتابعوهم - هم خير قرون الأمة بشهادة النص الصحيح الصريح، وهذا المدح والثناء العظيم لم يكن ليحصل لو كان المنهج مخالفًا للكتاب والسنة، فإن مخالف الكتاب والسنة حقه الذم لا المدح، فلما مدحوا بذلك ومنحوا هذه الشهادة العظيمة دل ذلك على صفاء اعتقادهم، وصحة مذهبهم، وسلامة سبيلهم، وأنهم أهل الهدى والصراط المستقيم، وأهل العلم النافع والعمل الصالح، وأن الحق معهم يدور حيث داروا، بل وإن هذه الشهادة بالخيرية فيها حث للأمة اللاحقة أن تقتفي آثار الأمة السابقة، وأن يترسموا خطاهم ويهتدوا بهديهم، وإنك إذا سبرت فرق الأمة كلها لم تجد أشدهم شبهًا بالسابقين، ولا ألزمهم اتباعًا لهم، ولا أعظمهم موافقة لاعتقادهم ولا أبرهم قلوبًا ولا أشدهم تمسكًا بالكتاب والسنة إلا أهل السنة والجماعة، فيلزم من ذلك أن يكون أهل السنة هم أهل الهدى وأهل المعتقد الصافي والصراط المستقيم، وهم أهل الحق وأهل العلم النافع والعمل الصالح، وذلك لموافقتهم لخير القرون في العلم والهدى والاعتقاد، فالسبب الذي من أجله مدح السابقون متحقق في أهل السنة، وهذا يفيدك صحة منهج السلف لتوافقه مع معتقد خير القرون، والله أعلم.