فهرس الكتاب
الصفحة 545 من 614

.. إذا علمت هذا فاعلم أن الدليل الشرعي الذي يصح بمجموع طرقه قد أخبر أنَّ هذه الأمة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين فرقة، وحكم على سائر الفرق أنها في النار إلا فرقة واحدة، وهذه الفرقة هم أهل السنة والجماعة الذين هم على مثل ما كان عليه النبي ? وأصحابه، وإذا نظرت إلى اعتقادات هذه الفرق في سائر أبواب الاعتقاد وجدتهم على طرفي نقيض، ففرقة فرطت وفرقة أفرطت، وفرقة واحدة توسطت في سائر هذه الأبواب، وهم أهل السنة - رفع الله نزلهم في الفردوس الأعلى -، وسبب هذه الوسطية هو أنهم اعتمدوا النص وأخذوا بكل أطراف الأدلة وقدموها على العقل وعظموا قدرها في نفوسهم فلم يخالفوها برأي ساقط ولا بعقل متهافت ولا بمذهب باطل، وسلكوا في فهمهم لهذه النصوص مسلك الصحابة ?، فهم لا يأخذون معتقدهم إلا من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، فلا يدخلون في أبواب الاعتقاد متأولين بآرائهم ولا متوهمين بأفكارهم - حاشاهم وكلا -، بل يقولون كما قال السلف الصالح، ويعملون كما عمل السلف الصالح، ويقفون حيث وقف السلف الصالح، ويسلكون ما سلكه السلف الصالح، فيصدق عليهم قوله تعالى: ? وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا ?، فكما أن الأمة شهيدة على سائر الأمم، فكذلك أهل السنة شهداء على سائر الطوائف والفرق، وهذا الذي نعنيه بقولنا: الوسطية الخاصة.

... وحتى يتضح لك الأمر أكثر نضرب بعض الأمثلة، وقد سبق معنا في هذا الكتاب - الذي أسأل الله أن ينفع به عامة المسلمين - بعض هذه الأمثلة، فأقول:

... منها: وسطية أهل السنة في باب الأسماء والصفات، فإنهم توسطوا فيه بين الممثلة والمعطلة.

... ومنها: وسطيتهم - أعلى الله قدرهم في الدنيا ورفع منازلهم في الآخرة - في باب القدر بين الجبرية والقدرية.

... ومنها: وسطيتهم - رحمهم الله تعالى - في باب مسائل الدين والأحكام بين الوعيدية والمرجئة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام