.. ومنها: وسطيتهم - غفر الله لأمواتهم وثبت أحياءهم - في باب الصحابة وآل البيت بين النواصب (الخوارج) والروافض.
... ومنها: وسطيتهم في باب التعامل مع الولاة بين من ارتمى في أحضانهم وجعلهم أربابًا من دون الله فيحل ما أحلوه وإن كان حرامًا في الشرع، ويحرم ما حرموه وإن كان حلالاً في الشرع، وبين من دعا للخروج عليهم وسفك دمائهم ووقع فيهم تكفيرًا وتبديعًا زاعمًا أنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تقوله المعتزلة، بل هو أصل من أصولها، فجاء أهل السنة فقرروا أنه تجب طاعتهم ولا يجوز الخروج عليهم بقولٍ ولا بفعلٍ إلا إذا رأينا كفرًا بواحًا عندنا فيه برهان صحيح وغلب على الظن الغلبة بلا دماء، وأنه تقام خلفهم الجمع والجماعات، ويجاهد ويحج معهم ولا يتخلف عن ذلك إلا مبتدع، ولكن الطاعة إنما تكون في المعروف وأنه لا معصية لمخلوقٍ في معصية الخالق، ويدينون لله تعالى بمناصحتهم والإنكار عليهم بالطرق الشرعية التي لا توجب فسادًا ولا سفك دماء، وهذا المذهب هو الوسط بين من أطاعهم الطاعة المطلقة وبين من يدعو إلى الخروج عليهم وعصيانهم في كل أوامرهم.
... ومنها: وسطيتهم في باب الكرامات، بين من جعل كل أمرٍ خارقٍ للعادة من الكرامات، ولو ظهر على يد أفجر الخلق، وبين من أنكر الكرامات جملة وتفصيلاً، وتقدم مذهب أهل السنة في الكرامات وهو المذهب الحق بلا ريب لأنه قائم على منهج الوسطية.
... ومنها: وسطيتهم في مسألة تسيير العبد وتخييره بين من قال بأنه مسير مطلقًا وهم الجبرية، وبين من قال مخير مطلقًا وهم القدرية، فقال أهل السنة: (( العبد مسير باعتبار سبق الكتابة، ومخير باعتبار دخول الفعل تحت قدرته واختياره ) ).