فهرس الكتاب
الصفحة 536 من 614

.. ومن الأدلة أيضًا: أن الآيات التي تذكر نعيم الجنة لا تعلقها بالجنس - أي بجنس النار أو الطين -، بل تعلقها بأعمال معلومة كقوله تعالى: ? قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون. والذين هم للزكاة فاعلون. والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون. والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون. والذين هم على صلواتهم يحافظون. أولئك ? أي أصحاب هذه الصفات ? هم الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ?، فعلق دخول الجنة على صفات من قام بها وحقق فيها الإخلاص والمتابعة فإنه يستحق أن يكون من الذين يرثون جنة الفردوس ولم يربط ذلك بإنس ولا جن.

... ومن المعلوم أن من الجن من يفعل هذه الأعمال بشروطها، وإذا تحقق الشرط تحقق المشروط ووعد الله تعالى لا خلف فيه.

... والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًا، وهذا يدل على أن الجني إذا اتصف بالصفات التي علقت الأدلة عليها دخول الجنة أنه يستحق دخولها، لاسيما وهذه الصفات خرجت مخرج العموم، وغالبًا تصدر بكلمة (( والذين ) )، وهي اسم موصول، وقد تقرر في الأصول أن الأسماء الموصولة من صيغ العموم، فيدخل فيها من يصلح لخطاب التكليف وهم الثقلان.

... وتقرر أيضًا أن الأصل هو البقاء على دلالة العموم حتى يرد المخصص، فما الذي خصص الجن وأخرجهم من هذه العمومات؟ وهذا دليل قوي جدًا، فلا تعد عيناك عنه إلا بعد فهمه وإتقانه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام