فهرس الكتاب
الصفحة 529 من 614

.. ثالثها: أنهم بعد سماعهم للقرآن وإيمانهم به أسرعوا إلى قومهم منذرين يقولون لهم: ? يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ?، وهذا نص صريح في أنهم مكلفون بالإيمان بهذا القرآن، ومن المعلوم أن الإيمان به يتضمن امتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره، وإيمانهم بالقرآن مستلزم للإيمان بالنبي ?، فأي دليل أصرح من هذا الدليل؟ ولكن سبحان من أعمى قلوب بعض الطوائف عن هذا النور الذي يبهر العيون وينير الصدور، والله أعلم.

... ومن الأدلة أيضًا: قوله تعالى: ? قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنًا عجبًا. يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا. وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدًا ... ? إلى قوله: ? وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا ... ?، وهذه الآيات دليل على تكليف الجن من عدة وجوهٍ أيضًا:

... أحدها: أن إخبار الله تعالى نبيه ? بهذا الاستماع فيه التصريح بأن هؤلاء النفر قد آمنوا وقر الإيمان في قلوبهم، وهذا فيه دليل أنهم مكلفون بالإيمان به، وإلا لما كان في هذا الإخبار فائدة ولم يكن ليمدح هؤلاء بأنهم فعلوا شيئًا لم يكلفوا به، فلما أخبر بذلك إخبار المادح لهم دل ذلك على أنهم فعلوا ما كان يجب أن يفعلوه، وهو الإيمان بالرسول وبالقرآن.

... ثانيها: أنهم تعجبوا من هذا القرآن، من بيانه وفصاحته وبلاغته ومعانيه وأخذه بمجامع القلوب، وهذا فيه دليل على أن عندهم القدرة على الفهم والتذكر والاتعاظ الاعتبار والعقل، وهذا كافٍ في تكليفهم، فما المانع من تكليفهم وهم عقلاء يفهمون وقادرون على الامتثال؟

... ثالثها: التصريح بوقوع الإيمان منهم، وذلك في قوله تعالى: ? فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا ?، وهذا نص صريح قاطع في أنهم مكلفون بالإيمان بالرسول وبالقرآن، ومنهيون عن الشرك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام