فهرس الكتاب
الصفحة 528 من 614

.. ومن ذلك: قوله تعالى: ? يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا. قالوا بلى ... ? الآية، وهذا نص قاطع بأن الجن مكلفون بالإيمان بالرسل، ومتعبدون باتباع ما يقصه الرسل عليهم من الآيات، فكما أن الرسل مبعوثون إلى الإنس، فكذلك أيضًا هم مبعوثون إلى الجن، ولذلك فإن الثقلين يوم القيامة يسألهم الله تعالى عن مجيء الرسل إليهم وإبلاغهم آياته فيقرون ويتعرفون بأن الرسل قد أتوا وبلغوا وأنه لا حجة لهم، فيقال لهم: ? النار مثواكم خالدين فيها ... ? الآية.

... ومن ذلك: قوله تعالى: ? وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولَّوا إلى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم. يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ?، وهذه الآية تدل على تكليف الجن من عدة وجوه:

... أحدها: أن الله تعالى هو الذي صرفهم إلى نبيه ? لاستماع القرآن، وحكمة ذلك وغايته أن يؤمنوا به ويأتمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه.

... ثانيها: أنهم لما استمعوه تواصوا بالإنصات له وبعد سماعه اعترفوا بأنه يهدي إلى الحق وإلى الصراط المستقيم وأنه متوافق لما جاء به موسى - عليه السلام - من قبل، وهذا يدل على أن عندهم آلات الفهم والعقل وأنهم قادرون على امتثال ما فيه من العلم النافع والعمل الصالح، وهي شروط التكليف، فإن من كان قادرًا على العلم والفهم والعمل فإنه مكلف.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام