.. ج 353: نعم، الجن مكلفون، وهذه قضية قطعية ومسلمة ثابتة الثبوت اليقيني بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع، فهم مأمورون بفعل الطاعات ومنهيون عن فعل المعاصي والمنكرات، ولا أقول هذا قول أهل السنة فقط، بل هو قول جمهور أهل الإسلام ولا اعتداد ولا عبرة بالأقوال الزائغة عن الحق المائلة عن الهدى المبنية على التخرصات الكاذبة والظنون الباطلة العاطلة، فهم مكلفون بالإسلام ومنهيون عن الشرك، ومكلفون بالإيمان ومنهيون عن الكفران، ومكلفون بالصلاة والزكاة والحج والصيام، ومنهيون عن تركها، ومكلفون بالجهاد، وببر الوالدين ومنهيون عن العقوق، وعن أكل الربا، وقتل النفس، وشهادة الزور، والزنا، والكذب، والقذف، والسرقة، وشرب الخمر، وهكذا.
... وبالجملة فنقول: كل ما أمر الشارع به أمر إيجاب أو استحباب فإنه عام للثقلين الإنس والجن، وكل ما نهى الشارع عنه نهي تحريم أو كراهة فهو عام للثقلين الإنس والجن، وكل مباح شرعًا فإن إباحته عامة للثقلين الإنس والجن، والأدلة على تكليف الجن كثيرة جدًا، ونذكر منها ما يلي:
... فمن ذلك: قوله تعالى: ? وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ?، وهذه الآية نص صريح قاطع الدلالة في إثبات تكليف الجن وبيان الحكمة والغاية من خلقهم وأن المقصود بذلك عبادة الله وحده بفعل المأمور إيجابًا واستحبابًا وترك المنهي تحريمًا أو كراهة، وأعظم ذلك وأجله وأكبره توحيده جل وعلا وإفراده بالعبادة.