.. وأما تقارب الأسواق، فالأقرب فيها حمله على الحقيقة أيضًا من أن المراد به تقاربها حقيقة سواءً في بنائها أو في تعاملاتها بيعًا وشراءً كما هو حاصل اليوم، فتجد الأسواق تنافس البيوت في أعدادها كما لا يخفى على أحد فما بين السوق والسوق إلا مسافة يسيرة، فهذا تقارب حسي، وأما تقاربها في تعاملاتها بيعًا وشراءً فلا أظنه يخفى على أحد وخصوصًا مع ظهور هذه الأجهزة الحديثة، فالشخص يشتري ويبيع من الأسواق البعيدة وهو في بيته أو في محل تجارته بلا عناءٍ ولا قطع مسافات وكأن السوق تحت يديه يشتري منه ما يشاء ويبيع لغيره وهو بعيد عنه ما يشاء بلا كلفة ولا مشقة، وكذلك أيضًا سهولة الوصول إلى هذه الأسواق بالمراكب الحديثة من الطائرات والسيارات وغيرها، فهذه المراكب جعلت الأسواق البعيدة كأنها قريبة فلا يقتطع الشخص في الذهاب للسوق البعيد ولو في غير بلاده إلا الوقت اليسير، وهذا قد ظهر جليًا وتحقق ولا يزال في ازدياد ما ازدادت الحضارة وتقدمت التقنيات، وأنت تعلم أثر الشبكة العنكبوتية في التقارب بين الأسواق، فيشتري الشخص السلعة من أسواق أمريكا وهو في بلاد الخليج وتصله في أسرع وقت، والله المستعان وعليه التكلان.
... وخلاصة الأمر أن التقارب في الزمان والأسواق كلها يراد بها حقائقها من التقارب الحسي والمعنوي، والله أعلم.
... ومن الأشراط: ظهور الشرك في هذه الأزمنة، فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: (( لا تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوسٍ على ذي الخلصة، وهو طاغية دوس الذي كانت تعبده في الجاهلية ) ).
... وروى أبو داود والترمذي من حديث ثوبان ? قال: قال رسول الله ?: (( إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان ... ) )الحديث، وهو حديث صحيح.