فهرس الكتاب
الصفحة 466 من 614

.وقد اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في تفسير هاتي العلامتين، والأقرب - إن شاء الله تعالى - أن المراد بتقارب الزمان هو التقارب الحسي والمعنوي، ونعني بالتقارب الحسي قلة أجزاء الزمان كما ورد ذلك صريحًا في الحديث الآخر، وهذا لم يظهر بعد، فتكون السنة كالشهر في زمنه حقيقة، ويكون الشهر كالأسبوع في زمنه حقيقة، ويكون الأسبوع كاليوم في زمنه حقيقة، ويكون اليوم كجزءٍ يسير من أجزائه حقيقة، والله قادر على كل شيء.

... ويؤيد هذا أنه هو حقيقة التقارب وظاهره، والأصل بقاء اللفظ على حقيقته وظاهره، ولأنه ورد من قوله ? صريحًا ولا عبرة بتفسير أحدٍ مع تفسيره ?، وقد تقرر في الأصول أن خير ما فسرت به السنة هو السنة، ويؤيده أيضًا أن أيام الدجال تطول حقيقة وقد فهم الصحابة من قوله: (( يوم كسنة، ويوم كشهر ... ) )إلخ، فهم الصحابة منه حقيقة هذا التطويل، فكذلك نحن نفهم كما فهموا من قوله: (( ويتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ... ) )إلخ، نفهم منه التقارب الحقيقي.

... وأما التقارب المعنوي فهو ذهاب بركة الزمان فتتفلت أوقاته وتنقضي ساعاته على الناس ولم يحصلوا فيه ما كان يحصله من قبلهم، وبناءً عليه فنقول: أما التقارب المعنوي فإنه قد ظهر ولاشك ونحن نحسه من أنفسنا في التعامل مع أوقاتنا، وأما التقارب الحسي فإنه لم يظهر بعد، ولعل التقارب المعنوي علامة ومؤشر للتقارب الحسي، والله المستعان وعليه التكلان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام