.. وهذا الحب له مقتضيات، منها: توقيره، وتعظيمه، وإفراده بالتوحيد جل وعلا، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والتحاكم إليه، وإسلام القلوب والوجوه له، والإيمان به، واللجأ إليه في جميع الأمور، ورجاؤه، والتقرب إليه بما يحبه ويرضاه من الشرائع إيجابًا أو استحبابًا، والإكثار من ذكره بأنواع الذكر المشروعة، والإقبال على التعرف عليه بمعرفة أسمائه وصفاته والتعبد له بآثارها ومقتضياتها، واتباع رسوله ? بأن لا نعبد الله ولا نتقرب إليه إلا بما شرعه لنا على لسان رسوله ?، ومحبة ما يحبه وبغض ما يبغضه، وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، وغير ذلك مما توجبه محبته جل وعلا؛ وذلك لأن حبه جل وعلا إذا تحقق في القلب فإنه لابد أن تظهر آثاره على الجوارح، والله المستعان.
... وأما نصرته جل وعلا فهي الركن الثاني من أركان موالاته جل وعلا، فيجب على المسلم الذي يوالي الله تعالى أن ينصر الله تعالى كما قال الله جل شأنه: ? يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ?، وقال تعالى: ? ولينصرن الله من ينصره ?، وقال تعالى: ? وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ?، وقال تعالى: ? للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ?، والمراد بنصره جل وعلا نصره باتباع شريعته بفعل المأمور وترك المحظور، ونصر كتابه، والدفاع عن دينه، والإيمان برسوله ?، والجهاد في سبيله، وترك شهوات النفوس التي لا يرضاها، ونصرة أوليائه، وغير ذلك، فمن تحقق فيه ذلك فإنه يكون قد حقق ركني ولاية الله جل وعلا التي هي المحبة والنصرة، وبه تعلم أن موالاة العباد لله جل وعلا تتفاوت بين شخصٍ وآخر بتفاوت تحقيق هذه المقتضيات وظهور هذه الآثار، فمحبته لها آثارها ونصرته لها آثارها، فأعظمنا تحقيقًا لهذه الآثار أكبرنا ولاية له جل وعلا، والله أعلم.