ومنها: ما رواه الإمام أحمد في المسند من هذا الحديث أيضا لكن من رواية بن مالك رضي الله عنه قال: كان بين خالد بن الوليد و عبدالرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبدالرحمن بن عوف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ـ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال: (دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبا أو مثل الجبال ذهبا لما بلغتم أعمالهم) فهذان الحديثان اشتملا على النهي الأكيد والتحذير الشديد عن سب الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، قال النووي رحمه الله تعالى (وأعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام، من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون) أ. هـ والنهي في الحديثين المتقدمين موجبه من النبي صلى الله عليه وسلم لمن تأخر إسلامه وهو من جملة الصحابة ولا شك فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد الحديبية وإن كان قبل فتح مكة فكيف حال من ليس من الصحابة بحالٍ مع الصحابة لا شك أنه داخل في هذا النهي من باب أولى.
ومنها: روى أبو داود في سننه بإسناده إلى رباح بن الحارث فقال: كنت قاعدا عند فولان، في مسجد الكوفة وعنده أهل الكوفة فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فرحب به وحياه وأقعده عند رجله على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة يقال له قيس بن علقمة فأستقبله فسب وسب فقال سعيد: من يسب هذا الرجل؟ فقال: يسب علياً، فقال: ألا أرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك ثم لا تنكر ولا تغير؟ أنا سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول (أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وعبدالرحمن بن عوف في الجنة وأبو عبيدة في الجنة) وسكت عن العاشر، فقالوا: من هو العاشر؟ فقال: سعيد بن زيد ـ يعني نفسه ـ ثم قال: والله لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم ولو عُمِّر عمر نوح).