.. والثاني: معجزات الأنبياء، التي بهرت العقول وأعلنت للعقول السليمة والفطرة المستقيمة صدق دعوى الأنبياء بأنهم رسل من عند الله تعالى، فمن الذي أجراها على أيديهم؟ إنه الله الحق القادر على كل شيء، فبالله عليك من الذي فلق القمر وشقه نصفين، ومن فلق البحر لموسى - عليه السلام - حتى صار كل فرق كالطود العظيم، ومن الذي قلب له العصا حية تسعى فصارت تلقف ما يأفك السحرة، ومن الذي أجرى على يد عيسى - عليه السلام - إبراء الأكمه والأبرص وإخراج الموتى من قبورهم؟ أوليس هو الله؟ بلى إنه الله جل في علاه، ومن الذي أنزل هذا القرآن المعجز بلفظه ومعناه فلم يقدر أحد من أفصح فصحاء العرب على معارضته أو قول شيء من مثله آيات عظيمة تدل الدلالة القاطعة على وجوده جل وعلا، فسبحان من طمس أعين الجاحدين عن رؤية شمس الحق وحجب قلوبهم عن التروي من برد اليقين والله أعلم.
... وأما الدليل النقلي: فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به، والله أعلم.
... فهذا هو الأمر الأول من مقتضيات الإيمان بالله تعالى.