فهرس الكتاب
الصفحة 597 من 614

.. ومن الأدلة أيضًا: لما نزل قوله تعالى: ? وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ? عمد عدي بن حاتم إلى عقالين فوضعهما عنده، فصار يأكل ويشرب حتى تبينا، فإذا الصبح قد طلع، فذكر ذلك للنبي ? فوضح له المراد الصحيح من الآية ولم يأمره بإعادة ذلك اليوم الذي أكل في نهاره، وذلك لأنه معذور بالتأويل السائغ، فقد ظن - رضي الله عنه وأرضاه - صواب نفسه في هذا العمل، فمخالفته - رضي الله عنه وأرضاه - ليست عن قصدٍ للمخالفة - حاشاه وكلا - وإنما كانت عن فهم للآية على غير وجهها الصحيح، والله أعلم.

... ومن الأدلة أيضًا: ما ثبت في الصحيح من حديث أسامة بن زيد في قتله الرجل المشرك بعدما قال: لا إله إلا الله، فقال له النبي ?: (( أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ) )! قال: يا رسول الله إنما قالها خوفًا من السلاح. الحديث

... ووجه الاستشهاد به: أن النبي ? لم يوجب الدية على أسامة ? مع أنه قتل مسلمًا في الظاهر، والمسلم معصوم الدم، وهذا دليل على أنه عذره؛ لأنه كان متأولاً في قتله هذا، فإنه ظن أنه وإن قال: لا إله إلا الله، فإنها لا تعصم دمه؛ لأنه يريد بقولها التعوذ من القتل فقط، ولا يريد حقيقة الإسلام، فجعل النبي ? ذلك التأويل عذرًا له في إسقاط الدية عنه، مما يدل على أن التأويل السائغ عذر في عدم الحكم بالكفر، وأن عدم التأويل شرط من شروط التكفير، ووجوده مانع من موانعه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام