.. وأما غير الغلاة منهم، فإنهم قالوا: إن الأنبياء والرسل كانوا على علمٍ يقيني بأنه لا حقيقة لهذه الأخبار، ولكنهم قد كتموا ذلك لأنه سر الأسرار ونهاية الأخبار، وهذان المذهبان للفلاسفة الباطنية كفر وإلحاد وزندقة؛ لأنه تكذيب لله تعالى في خبره وتكذيب للرسل - عليهم الصلاة والسلام - في أخبارهم وإنكار عن علم وجحود للصفات ويوم المعاد، وحقائق اليوم الآخر، ونسبة للرسل الجهل والخيانة والكذب والغش والتدليس، ولا أظن أحدًا يتوقف في كفر هؤلاء، بل أقول: إن من شك في كفرهم بعد علمه التام بمذاهبهم في الصفات ويوم المعاد وما أخبرت به الرسل فإنه كافر، وأما في بقية أمور التشريع فإن غالب هؤلاء يجعلون أدلة التشريع رموزًا وإشارات لا يعرف حقيقتها إلا خاصتهم، فيقولون: إن الصلاة معناها معرفة أسرارهم، والصيام معناه كتمان هذه الأسرار، والحج معناه السفر إلى شيوخهم وغير ذلك، وهؤلاء الملاحدة من الإسماعيلية والباطنية الذين نص على كفرهم أكثر أهل السنة، فهذا بالنسبة لأهل التخييل والحكم عليهم.