.. وروى أحمد وأبو داود عن رويفع ? قال: قال رسول الله ?: (( يا رويفع لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجى برجيع دابةٍ أو عظم فإن محمدًا برئ منه ) ).
... فهذه الأدلة الصحيحة الصريحة فيها الدلالة القاطعة على تحريم هذه المعلقات وأنها من الشرك، وقد انعقد الإجماع على تحريم التمائم الشركية ولله الحمد والمنة.
... وأما التمائم من القرآن، ففيها شيء من الخلاف، فقيل بجوازها، وقيل بالمنع، ومن القائلين بالمنع ابن مسعود وغيره، والقول بالمنع هو الصحيح وذلك لما يلي:
... الأول: عموم الأدلة الواردة في ذلك، كما في قوله: (( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) )، فقوله: (( التمائم ) )جمع دخلت عليه الألف واللام، وقد تقرر في القواعد أن الألف واللام الداخلة على المفرد والجمع تفيده العموم أي الاستغراق، فيدخل في كل ذلك كل التمائم، وكقوله: (( من تعلق تميمة فقد أشرك ) )، فقوله: (( من تعلق ) )هذا شرط، وقوله: (( تميمة ) )نكرة، وقد تقرر في القواعد أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم، فيصدق ذلك الوصف وهو الشرك على كل من تعلق تميمة من غير تفصيل بين تميمة وتميمة، وكقوله: (( لا يبقين في رقبة بعير قلادة ) )، فقوله: (( لا يبقين ) )نفي، وقوله: (( قلادة ) )نكرة، وقد تقرر في القواعد أن النكرة في سياق النفي تعم، وقد يكون بعض هذه القلائد قد عقد فيها قرآن، وكقوله: (( من تعلق شيئًا ) )وهذا نكرة في سياق الشرط وقد تقرر أنه يفيد العموم.
... وأيضًا يقال: هذه الأقوال خرجت عامة من غير استفصال بين تميمة وتميمة، وقد تقرر في القواعد أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال.