فهرس الكتاب
الصفحة 539 من 614

.. وبالجملة: فهذا الاستخدام محرم وزندقة وفجور، وفي كثير أحيانه كفر وشرك.

... الثاني: الاستخدام الملكي القهري السلطاني السليماني، وهذا إنما كان معجزة لنبي الله سليمان - عليه وعلى أبيه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم -، فالله تعالى قد سخر الجن له يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، توعدهم بأن من يزغ عن أمره فله عذاب السعير، وأنهم أصناف: فمنهم البناء، ومنهم الغواص، ومنهم المقرن في الأصفاد وهي السلاسل العظام، وذلك لتمرده وشدة طغيانه، فعوقب بذلك، فهذا النوع من الاستخدام لا يستطيعه أحد بعد سليمان - عليه السلام -؛ لأنه كان من جملة معجزاته، ولأنه قال: ? وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي ?، ولعلك بذلك فهمت العلة من قوله ? لما تفلت عليه الشيطان ليقطع صلاته فأمسك به وخنقه، وقال: (( لقد هممت أن أربطه بسارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا له جميعًا ويلعب به صبيان المدينة، ولكن ذكرت دعوة أخي سليمان فتركته ) )؛ وذلك لأن الربط بالأغلال، والتقييد والإذلال نوع من الاستخدام الملكي القهري، وهو من خصائص سليمان - عليه السلام - فتوقيرًا منه ? لأخيه سليمان - عليه السلام - ترك ذلك الشيطان، ولذلك قال: (( ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقًا يلعب به صبيان المدينة ) )، فالنبي ? لا يريد أن يتصرف فيهم التصرف الملكي القهري السلطاني السليماني.

... والخلاصة: أن هذا النوع من الاستخدام لا يستطيعه أحد ولا يمكن لأحدٍ أصلاً بعد نبي الله سليمان - عليه السلام -، فهو من جملة معجزاته التي أُعطيها، والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام