.. ومن ذلك: ما أجراه الله تعالى على يد عبده الصالح جريج، فقد روى مسلم في صحيحه بسنده من حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?: (( كان جريج يتعبد في صومعته فأتته أمه فقالت: يا جريج أنا أمك كلمني، فقال: اللهم أمي أو صلاتي، فاختار صلاته، ثم جاءت الثانية فقالت: يا جريج أنا أمك، كلمني فصادفته يصلي، فقالت: اللهم هذا جريج وإنه ابني وإني قد كلمته فلم يكلمني، اللهم لا تمته حتى تريه المومسات، قال: ولو دعت عليه أن يفتن لافتتن. قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى الدير فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها فحملت فولدت غلامًا فقيل لها: ممن هذا؟ قالت: من صاحب هذه الصومعة، قال: فأقبلوا إليه بفئوسهم فصوتوا به، فصادفوه يصلي، فلم يكلمهم، فأخذوا يهدمون ديره، فلما رأى ذلك نزل إليهم فقالوا له سل هذه، قال: فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟ فقال: أبي راعي الضأن فلما سمعوا ذلك منه، قالوا: نبني لك ما هدمنا بالذهب والفضة، فقال: لا، ولكن أعيدوه ترابًا ثم علاه ) )، فانظر هذه الكرامة العظيمة، فإن الله تعالى أنطق هذا الصبي في المهد ليبرأ هذا العبد الصالح - رضي الله عنه وأرضاه -، فهذا لاشك كرامة أجراها الرب جل وعلا على يد هذا العبد الصالح التقي.