فهرس الكتاب
الصفحة 516 من 614

.. الثالثة: منهج أهل السنة طلب الاستقامة لا طلب الكرامة، فالمؤمن إنما يعبد الله تعالى ويستقيم على شرعه بفعل أوامره واجتناب زواجره وتصديق أخباره طلبًا لرضاه والفوز بالجنة، لا أنه يفعل ذلك طلبًا للكرامة، فإن هذا شرك في القصد؛ لأن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا له جل وعلا؛ لأنه أغنى الشركاء عن الشرك، ولذلك قال بعض السلف: (( كن طالبًا للاستقامة لا طالبًا للكرامة ) ).

... ولذلك فالموفقون هم الذين يطلبون الاستقامة والهداية لذات الاستقامة والهداية، ولنيل رضى الله تعالى والفوز بعالي الدرجات، فهم يتنافسون فيها تنافسًا سواءً ظهرت لهم كرامة أو لم تظهر.

... وبناءً عليه فالذين يفنون أنفسهم في طلب الكرامة ليسوا على شيء، وقد خالفوا منهج أهل السنة بذلك، فترى الواحد منهم يهيم في القفار، أو يعاشر الوحوش، أو يحبس نفسه مع الحيات والثعابين، أو يَدْخُل النار، أو يُدْخِلُ النار في جوفه ونحو ذلك من خرافاتهم وهذيانهم، وكل ذلك طلبًا للكرامة، وهذا منكر في الشرع وخبل في العقل وتعريض للنفس للهلاك بلا مصلحة شرعية، ولا قصد ممدوح، فاحذر من ذلك وحذر منه، ولا نقول إلا كما قال السلف: كن طالبًا للاستقامة، موافقًا للحق، مهتديًا بهدي الكتاب والسنة، متبعًا لا مبتدعًا، مقتديًا لا مبتديًا، ودع عنك السبل المعوجة والمذاهب المعتلة والآراء المختلة، فإنه ما سلم في دينه إلا من أخلص وتابع، ولا تكن طالبًا للكرامة، وليكن همك رضى الله جل وعلا. أسأله جل وعلا أن يلهمنا رشدنا ويقينا شرور أنفسنا، والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام