.. الثانية: أن الكرامة المعتبرة والتي تعد كرامة لا تجري إلا على يد أولياء الله تعالى الذين اتصفوا بصفات الولي، وهي المذكورة في قوله تعالى: ? ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون ?، فالولي هو من اتصف بالإيمان والتقوى، وتختلف مراتب الولاية كمالاً ونقصًا باختلاف تكميل مراتب الإيمان والتقوى، فكلما ازداد العبد إيمانًا وتقوى كلما ازداد ولاية لله تعالى، وهذا شرط في اعتبار الكرامة، فلابد من عرض مدعيها على الكتاب والسنة، وبناءً عليه فيما يجري على يد أولياء الشيطان من الخوارق والمكاشفات لا تعد من باب الكرامات، بل هي أحوال شيطانية وتلبيسات إبليسية يقصد منها إحقاق الباطل وإبطال الحق، وذلك كما يظهر عند السحرة والكهان والمشعوذين ومخاريق الصوفية والدراويش أصحاب الطرق المخالفة للكتاب والسنة، فإن هؤلاء وإن مشوا على الماء، أو طاروا في الهواء، أو دخلوا النار وخرجوا منها، أو أدخلوها في أجوافهم، أو أخبروا ببعض الأمور الغائبة ونحو ذلك، فكل ذلك من أحوال الشياطين، وخوارق الكهان والسحرة، وكله دجل وتلبيس من إبليس ومخادعة وتخييل وكذب وفجور، بل ويصل في أحوالٍ كثيرة إلى الكفر والشرك؛ لأن الشياطين لا تعين أحدًا لمحبته وسواد عينيه، وإنما لما يتقرب إليها بذبح توحيده بفعل ما يطلبونه منه من أمور الشرك، فالكرامة لا تكون إلا لأولياء الله تعالى، وهم المؤمنون المتقون، وأما المخالفون للشريعة المتنكبون عن الصراط المستقيم الأفاكون الفاجرون فإن ما يظهر على أيديهم إنما هو من إعانة الشيطان لهم، فانتبه لهذا، فإن هذا هو الفرقان بين كرامات الأولياء وخوارق السحرة والكهان.