فهرس الكتاب
الصفحة 499 من 614

.. ودعك من الأخبار التي لم تبن على يقين وعلم وبرهان، فإن بعض الأولين قد رام التعرف على مكان السد وبعث بعثًا وأنهم وجدوه، ولكن لا يعرف لهذه القصة سند يثبت، والأمر غيب، ولو كان العلم بعين مكان السد مما ينفع العبد في دينه لبيَّنه الله ورسوله ?، ولله در زينب بنت جحش التي سمعت النبي ? يقول: (( لقد فتح من ردم يأجوج ومأجوج قدر هذه ... ) )الحديث، ولم تقل أين هو ولا بين لنا مكانه، وإنما سألت عن المهم في الدين: (( أنهلك وفينا الصالحون ) ).

... وقد كان النبي ? يحدث الصحابة بأحاديث يأجوج ومأجوج ولم يتكلفوا أن يسألوا عن مكانه؛ لأنهم علموا أنه مما لا ينفعه في دينهم، ومن المتقرر أنه لابد من فهم الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، فمن سمعته يتكلف السؤال عن مكانهم ويتعب نفسه في جمع الأخبار في ذلك، فقل له: (هلك المتنطعون) .

... والخلاصة: أن مكان السد تحديدًا مما لا يعرف ومما لم نكلف بمعرفته، فالحمد لله رب العالمين.

... وأما صفاتهم: فهم في الجملة يشبهون أبناء جنسهم من الترك الغتم المغول، ذلف الأنوف، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، على أشكال الترك وألوانهم، وأنهم أقوياء.

... فقد روى الإمام أحمد عن ابن حرملة عن خالته قالت: خطب رسول الله ? وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب، فقال: (( إنكم تقولون: لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوًا حتى يأتي يأجوج ومأجوج، عراض الوجوه، صغر العيون، شهب الشعاف، من كل حدبٍ ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة ) )وسنده جيد.

... وأما وصفهم بالقصر المفرط أو الطول المفرط، والآذان الطويلة، بحيث يفترش أحدهما ويلتحف الأخرى، فلا والله لا سند لهذه الصفات يصح الاعتماد عليه، وإنما هي مذكورة في آثار وأخبار لا سند لها أو لا يثبت أهل الحديث مثله، فكل ذلك ضعيف لا يعتمد عليه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام