.. فهذا التنبيه النبوي الكريم الصادق منه كشف واضح وبيان ساطع وبرهان لامع على كذب دعوى الدجال للألوهية، وأن مصدقه فيه هذه الدعوى إنما أتى من جهله بهذا التنبيه المهم، فلابد من عقد القلب على ذلك ورسوخ هذه المسألة فيه وأن الدجال وإن جاء بالدنيا بأسرها وبالخوارق كلها، فإنه كذاب فاجر في دعواه، والله أعلم.
... خامسها: قراءة فواتح سورة الكهف عند رؤيته، وذلك لحديث النواس بن سمعان - الطويل - وفيه: (( فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ... ) )الحديث، رواه مسلم.
... وهذا يجعل المسلم يحفظ هذه السورة كاملة، وإن قصرت به العزيمة فلا أقل أن يحفظ فواتحها فقط.
... وروى مسلم أيضًا عن أبي الدرداء ? أن النبي ? قال: (( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ) )وفي بعض الروايات: (( من خواتيم سورة الكهف ) ).
... وأقول: إنه لا يثقل حفظ ذلك المقدار إلا على من حرمه الله هذه العصمة، فإنها مع يسرها إلا أنها تقيك من شر هذه الفتنة الكبيرة، فوصيتي لنفسي ولك - أيها الأخ المبارك - أن تحفظها كلها فإنها يسيرة، فإن عجزت عن حفظها فلا أقل من أن تحفظ عشرًا من فواتحها وعشرًا من خواتمها، والله أسأل أن يعينك على ذلك، والله أعلم.
... سادسها: الفرار منه وعدم التعرض إليه، فإنه عدو ولا يجوز تمني لقاءه، ولأن معه فتن عظيمة - كما ذكرت لك بعضها -، والمؤمن لا يجوز له أن يعرض دينه للفتن، فمن سمع به فليفر منه إلى الجبال والبلاد البعيدة، وإن كان فراره إلى مكة والمدينة فهو الأكمل ولاشك، ففي الحديث: (( ليفرن الناس من الدجال في الجبال ) )، ولا يثق العبد بنفسه، فكم من واثق بها تعرض له ففتنه بما معه من الفتن والخوارق، نسأل الله تعالى أن يعيذنا من فتنته وجميع المسلمين. فهذه بعض العواصم والوسائل التي يحصل بها النجاة من فتنته، والله أعلى وأعلم.