.فأما الحب فلابد أن يتوفر في الولاء، بل هو عموده الأساسي الذي ينبني عليه بعد ذلك لوازم هذا الولاء وتوابع هذا الحب، وهذا الحب مكانه ومقره القلب الذي هو مكان العاطفة، إلا أنه لابد أن تظهر آثاره على الجوارح، وإلا لكان كذبًا وزورًا وادعاءً؛ وذلك لأن المتقرر عند الجميع أن كل إناءٍ بما فيه ينضح وأن الجوارح لابد أن تتأثر بما يكون في القلب، فالذي يدعي الولاء والمحبة للمؤمنين فلابد أن يأتي بمصداق هذه الدعوى حتى لا تكون دعوى مجردة عن البرهان، وبرهانها الذي يصدقها هو ما يظهر على الجوارح من الأعمال، ونعني بها مقتضيات الولاء، فليس الولاء كلمة تقال أو عاطفة باطنية فقط، بل يختلف صدق الدعوى باختلاف ظهور الآثار، فمن كانت الآثار فيه أكثر فهو الأصدق، وتقوى هذه الآثار كلما قويت المحبة التي في القلب التي هي مدار الولاء، وبناءً عليه فمن يدعي الولاء للمؤمنين وهو يبغضهم فهو كاذب في دعواه، ومن يدعي الولاء لهم وهو يخادعهم ويغشهم فهو كاذب في دعواه، ومن يدعي الولاء لهم وهو يخذلهم ويسلمهم ويعين عليهم عدوهم فهو كاذب في دعواه، ومن يدعي ولاءهم وهو لا يهتم بأمورهم فلا يحزن لحزنهم ولا يفرح لفرحهم فهو كاذب، ومن يدعي الولاء لهم وهو يؤذي أولياء الله تعالى من العلماء والعباد والدعاة والصالحين بالسجن والتعهدات والمنع من نشر علمهم ومن الدعوة إلى الله تعالى فهو كاذب في دعواه، ومن يدعي الولاء للمؤمنين وهو يحكم فيهم قوانين الشرق والغرب فهو كاذب في دعواه، ومن يدعي الولاء لهم وهو عبد ذليل لفراعين الغرب والكفرة يستجيب لكل ما يأمرون به أو ينهون عنه في عباد الله تعالى ولا هَمَّ له إلا إرضاء هؤلاء الطواغيت، فإذا قالوا: اقتل فلانًا قتله، وإذا قالوا: اسجن فلانًا سجنه، وإذا قالوا: امنع فلانًا منعه، وإذا قالوا: ارفض هذا التشريع رفضه، وهو مع ذلك يدعي أنه ولي للمؤمنين فهو كاذب في هذه الدعوى فاجر