وأما إذا تعددت إلى مفعولين فإنها تكون بمعنى صَيَّر ومن ذلك قوله تعالى (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا) (البقرة: من الآية 66) فإن المفعول الأول (ها) في قوله (فجعلناها) والمفعول الثاني (نكالاً) فيكون هنا بمعنى فصيرناها نكالاً، ومنه قوله تعالى (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً) (الزخرف: من الآية 19) فإن المفعول الأول (الملائكة) والمفعول الثاني (إناثاً) فتكون بمعنى صير أي وصير الملائكة باعتقادهم الفاسد إناثاً، ومنه قوله تعالى (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) فالمفعول الأول الضمير والمفعول الثاني (قرآناً) والمعنى إنا صيرنا أو قلنا قرآناً عربياً، هذا تفهمه العرب من كلامها، ولا عبرة بفهم الأعاجم والأنباط وسقطة فارس والروم، وبالله عليك هل يفهم عاقل من قوله تعالى (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ) (الزخرف: من الآية 19) أي وخلقوا الملائكة؟ ومن قوله تعالى (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (الفيل:5) أو فخلقهم كعصف مأكول؟ هل يفهم عاقل أن (جعل) هنا بمعنى خلق؟ ولكن المعتزلة قوم بهت والله يحفظنا وإياك من زلل القول والفهم والله أعلم.