ج/ لا دليل لهم على ذلك وإنما هي خيالات وشبه توهموها بفهمهم الفاسد ومذهبهم الرديء العاطل الكالح الباطل فهم يتبعون المتشابه ويتركون المحكم ويعملون بالمجمل ويتركون المبين ويلوون أعناق الأدلة ويحملونها ما لا تحتمل لتتوافق مع قولهم الفاسد البائر فمن ذلك قولهم: قال تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (الزمر: من الآية 62) والقرآن شيء من الأشياء فهو داخل في عموم هذا النص، فيكون مخلوقاً، فأجاب أهل السنة على ذلك الاستدلال بأن عموم (كل) لا تقتضي دخول الأشياء جميعها فإن صيغ العموم يكون عموم كل منها بحسبه ألا ترى إلى قوله تعالى عن بلقيس ملكت سبأ (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) (النمل: من الآية 23) فإنه لا يفهم عاقل أنها أوتيت كل الأشياء فإنها لم تؤت ما أوتي سليمان عليه السلام، وإنما المراد أنها من شيء يحتاجه الملوك في الغالب، وكذلك قوله تعالى في ريح عاد {تدمر كل شيء بأمر ربها} ونعلم عقلاً وحساً أنها لم تدمر السماوات والأرض والجبال والجمادات بل حتى المساكن لم تخل في هذه الكلية قال تعالى (فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ) (الأحقاف: من الآية 25) فدل ذلك على أنها إنما دمرت كل شيء أمرت بتدميره، وكذلك قوله تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) فإن معناه عموم خلقه لما يصلح أن يكون مخلوقاً، وهو هذه العوالم العلوية والسفلية من أرضها وسمائها وأفلاكها وملائكتها وإنسها وجنها وحيواناتها وشجرها ونباتها ومائها ونحو ذلك مما يصلح أن يوصف بكونه مخلوقاً، لكن الله تعالى بصفاته هو الخالق جل وعلا وما سواه مخلوق ومن صفاته كلامه والقرآن من كلامه فلا يكون مخلوقاً، إذ كيف بالله عليك يكون شيء منصفاته مخلوقاً، وقال أهل السنة أيضاً: أيها المعتزلة هل أنتم تقولون إن أفعال العباد الصادرة منهم شيء أم ليست بشيء؟ بالطبع سيقولون هي شيء من الأشياء، فقل لهم: فأنتم تخرجونها عن كونها مخلوقة لله