فهرس الكتاب
الصفحة 237 من 614

.الجواب الأول لهم: سيقولون: إن الصفات التي أثبتناها لا يستلزم ثبوتها له مماثلته بخلقه والصفات التي نفيناها تستلزم مماثلته بخلقه، فإذا قالوا ذلك فقل لهم: لقد تقرر عند أهل السنة أن باب الصفات باب واحد، والقول في بعضها كالقول في البعض الآخر، فما تقولونه في صفةٍ فإنه يلزمكم أن تقولوه في سائر الصفات. فإذا قلتم: إن الصفات التي أثبتناها لا تستلزم مماثلة الله بخلقه، فهذا القول يلزمكم قوله في سائر الصفات التي نفيتموها فإثباتها أيضًا لا يستلزم مماثلة الله بخلقه. وإذا قلتم: إن الصفات التي نفيناها لم ننفها إلا لأن إثباتها يستلزم مماثلة الله بخلقه، فهذا القول يلزمكم قوله في هذه الصفات السبع التي أثبتموها، فإثباتها أيضًا يستلزم مماثلة الله بخلقه؛ لأن القول في الصفات قول واحد لا يختلف، فإنكم تنفون الرحمة والوجه والغضب والرضا واليد، وغيرها بحجة أن المخلوقات تتصف بهذه الصفات، فلو أثبتناها لله لاستلزم ذلك مماثلته بخلقه، فنقول: وأنتم تثبتون له العلم والسمع والبصر والكلام والقدرة والحياة والإرادة، وهي موجودة في المخلوقات أيضًا، فالمحذور الذي من أجله نفيتم سائر الصفات لازم لكم فيما أثبتموه من هذه الصفات السبع. فإن قالوا: نحن نثبت هذه السبع على الوجه اللائق به جل وعلا الذي لا يقتضي مماثلته فيها بخلقه، فنقول لهم: قولوا هذا القول فيما نفيتموه من الصفات وأثبتوها على الوجه اللائق بالله تعالى الذي لا يقتضي مماثلته فيها بخلقه. فإن قالوا: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام فلا يليق وصف الله تعالى به، فنقول لهم: والإرادة التي تثبتونها هي ميل النفس لجلب منفعة أو دفع مضرة، وهذا لا يليق بالله جل وعلا. فإن قال: هذا تفسير لإرادة المخلوق، فنقول: وتفسيرك للغضب أيضًا إنما هو تفسير لغضب المخلوق، فما كان جوابه دفاعًا عن هذه الصفات السبع التي يثبتها فهو بعينه جوابنا عليه فيما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام