فهرس الكتاب
الصفحة 225 من 614

.. فأقول: إن هناك بعض العبارات والألفاظ التي تكلم بها المبتدعة على مختلف فرقهم وجعلوها ديدنهم، بل وحرفوا كثيرًا من نصوص الصفات من أجل الفرار منها، مع أننا لا نجد لها ذكرًا في القرآن ولا في السنة ولا في كلام السلف - رحمهم الله تعالى - فمع كثرة تلفظ المبتدعة بها وإلزامهم لأهل السنة بلوازمها، ومع خوف أهل السنة بلوازمها، ومع خوف أهل السنة من انسياق العوام وراء هذه الألفاظ حرصوا - رحمهم الله تعالى - أن يبرزوا مذهبهم فيها، فقالوا: ما لم يرد في الكتاب ولا في السنة نفيه ولا إثباته من الصفات، فلنا فيه نظران: نظر من ناحية لفظه، ونظر من ناحية معناه.

... فأما لفظه: فإننا نتوقف فيه فلا نثبته ولا ننفيه ولا نتكلم به أبدًا في إثبات ولا نفي لأنه لم يرد في القرآن ولا في السنة ولا على لسان السلف - رحمهم الله تعالى -، وأما معناه فإننا نستفصل فيه لأن هذه الألفاظ مجملة تحتمل الحق والباطل فلا يقبل معناها مطلقًا، فيؤدي ذلك إلى قبول ما فيها من الباطل، ولا ترد معانيها مطلقًا فيؤدي ذلك إلى رد ما فيها من الحق، ولكن الأسلم في ذلك أن نستفصل فيها حتى يتميز حقها من باطلها فيقبل الحق ويرد الباطل، وعلى ذلك بعض الأمثلة:

... المثال الأول: الجهة، فإن هذا اللفظ بعينه لم يرد ذكره في القرآن ولا في السنة ولا في كلام السلف، فلنا فيه نظران: أما لفظه فلا نتكلم به، بل نتوقف فلا نثبته ولا ننفيه. وأما معناه فنستفصل فيه ونقول: هل تريد بالجهة جهة سفل، فإن كنت تريد هذا فهو مردود عليك؛ لأن الله تعالى لا يحيط به شيء، أم تريد جهة علو غير محيطة به جل وعلا، فإن كنت تريد هذا المعنى الأخير فهو حق وصدق وقد توافرت الدلائل المتواترة لفظًا ومعنى على إثباته كما سيأتي - إن شاء الله تعالى -، لكن هذا المعنى الأخير لا نسميه جهة وإنما نقول: الله في العلو المطلق.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام