.. وأما مخالفتها ومناقضتها للمعقول: فلأنه قد تقرر في العقول السليمة أن الصفة تختلف باختلاف من أضيفت إليه، فيد زيد ليست كيد خالد لأنه اختلف المضاف إليها، فاليد الأولى أضيفت إلى زيد واليد الثانية أضيفت إلى خالد، ولا يمكن في المعقول أبدًا أن تختلف الإضافة وتتحد الصفة من كل وجهٍ، إذا علمت هذا فاعلم أن الصفات التي يذكرها الله في القرآن لا يذكرها مطلقة، بل يذكرها مضافة إليه جل وعلا، كقوله: ? ويبقى وجه ربك ?، وقوله: ? بل يداه مبسوطتان ?، وقوله: ? ولتصنع على عيني ?، وقوله: ? ورحمتي وسعت كل شيء ?، وغير ذلك.
... ويقال أيضًا: وجه زيد، ويد زيد، وعين زيد، ورحمة زيد، فاختلفت الإضافتان هنا، فالوجه واليد والعين والرحمة في الآيات قد أضيفت إلى الله تعالى، فتكون لائقة بذاته الكاملة من كل وجه، وفي الأمثلة قد أضيفت إلى زيد وهو مخلوق فتكون مناسبة لحاله وبه يتقرر عقلاً أن المعاني والأوصاف تختلف باختلاف من أضيفت إليه، فإن أضيفت إلى الخالق صارت لائقة به جل وعلا، وإن أضيفت إلى المخلوق صارت مناسبة لذاته.