.. فأما مناقضتها للمنقول: فلأن الله تعالى في الكتاب يسمي نفسه بأسماء ويصف نفسه بصفات ويسمي بعض عباده بهذه الأسماء ويصفهم بهذه الصفات، ومن المعلوم أنه ليس المسمى كالمسمى وليس الموصوف كالموصوف، فقال تعالى: ? إن الله كان سميعًا بصيرًا ?، وقال: ? إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعًا بصيرًا ?، وليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.
... وقال تعالى عن نفسه: ? إنه بهم رءوف رحيم ?، وقال عن نبيه ?: ? عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ?، وليس الرءوف كالرءوف ولا الرحيم كالرحيم.
... وقال تعالى: ? إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ?، وقال تعالى عن قوم ملكة سبأ: ? قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأسٍ شديد ?، وليست القوة كالقوة.
... وقال تعالى: ? الله لا إله إلا الله الحي القيوم ?، وقال تعالى: ? والسلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا ? وليس الحي كالحي ولا الحياة كالحياة.
... والآيات في ذلك كثيرة جدًا، قد ذكر الكثير منها أبو العباس في التدمرية، فهذا وجه.
... ووجه آخر وهو أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء والصفات، بل هي أكثر ما في القرآن، ومع ذلك قال: ? ليس كمثله شيء ?، وقال: ? ولم يكن له كفوًا أحد ?، وقال: ? هل تعلم له سميًا ?، وقال: ? فلا تضربوا لله الأمثال ?، وقال: ? فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون ?، فبان بذلك أن هذه الأسماء والصفات التي ذكرها عن نفسه ليست كالمعهود لنا في صفاتنا وقاعدتهم الملعونة تقضي أنها كالمعهود لنا في صفاتنا، فصارت مناقضة للقرآن وما ناقض القرآن أو خالفه فهو باطل.