.. فمن ذلك: تذكير العباد الذين تنكبوا عن الصراط بقدرته جل وعلا ويملهم عسى أن يحدث ذلك في قلوبهم رجوعًا وتوبة، وكم حصل من الخير بسبب هذه الحوادث والآلام من توبة المذنبين وتيقظ الغافلين، وإقبال المعرضين ورجوع الكثير إلى الله تعالى، قال تعالى: ? ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ?.
... ومنها: استخراج عبودية الضراء وهي الصبر، قال تعالى: ? وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ?، وقال تعالى: ? إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ?، وقال تعالى: ? إن الله يحب الصابرين ?، وهذا لا يتم إلا بأن يقلب الله الأحوال على العبد حتى يتبين صدق عبوديته لله جل وعلا.
... ومنها: تكفير السيئات، فإن العباد كسابون للذنوب كثيرًا وهم خطاءون، ولربما يغفل العبد عن التوبة عن كثير منها فيجري الله تعالى هذه المصائب والآلام على العبد فيصبر فيكون ذلك سببًا لتكفير السيئات عنه، وفي الحديث: (( لا بأس عليك كفارة وطهور إن شاء الله ) )، وفي الحديث أيضًا: (( ما يصيب العبد من هم ولا غم ولا وجع ولا نصب إلا كفر الله عنه من خطاياه حتى الشوكة يشاكها ) )، والأحاديث في ذلك كثيرة.
... ومنها: حث النفوس وحفز أشواقها إلى الجنة، فإن العبد مع مرور هذه الآلام والمصائب التي تكدر عيشه وتنغص عليه حياته يعلم علم اليقين أن هذه الدار دار تعب ومكابدة ونصب، وأما الجنة فإنها دار الراحة المطلقة فلا تعب فيها ولا نصب، فيشمر العبد بالاجتهاد في العمل الصالح لنيل هذه الدار الكريمة الغالية، ولو أن الدنيا لم يكن فيها ذلك لما كان هناك كبير فرق ولنسي العبد الجنة، فانظر إلى الحكمة العظيمة والغاية النبيلة.