فهرس الكتاب
الصفحة 188 من 614

.. السابع: أن العبد مأمور بالإيمان بالقدر واتباع الشريعة بفعل المأمور واجتناب المحظور، فلا تناقض بين القدر والشرع، فالمحتج بالقدر على ترك المأمور أو فعل المحظور هو في حقيقته مؤمن بوجود التناقض بين قدر الله وشرعه وهذا فيه قد كبير في علم الله وحكمته، بل يجب عليك أن تعلم أن من لم يؤمن بالشرع فإنه مكذب بالقدر لأن شرع الله من جملة قدره، ومن لم يؤمن بالقدر فإنه مكذب للشرع، ولذلك قال ابن عباس: القدر نظام التوحيد، فمن اعتقد أن هناك تعارضًا بين القدر والشرع فهو زنديق، ولا يصل العبد إلى ذلك إلا بالاحتجاج بالقدر على ترك الشرع، فاحذر من ذلك يا رعاك الله.

... الثامن: أن العباد مطالبون بالنظر فيما أمروا به فيفعلونه وفيما نهوا عنه فيتركونه، هذا هو الذي تعبدنا الله تعالى به وهو الذي سنسأل عنه يوم القيامة ولسنا مأمورين بالنظر فيما قدر لنا؛ لأن هذا أصلاً في علم الغيب ولا يستطاع العلم به، بل قد نهينا عن الخوض في القدر بلا علم أو برهان، فنحن مطالبون بالاجتهاد في العمل لا في مطالعة الأقدار، فالمحتج بالقدر ترك ما هو مأمور به من العمل ونظر فيما لم يؤمر به من مطالعة القدر، فأشغل نفسه في مطالعة ما لا يعود عليه بالنفع لا العاجل ولا الآجل، بل أشغل نفسه فيما يعود عليه بالضرر؛ لأن الهدى والصلاح والبر والتقوى إنما هي في متابعة الرسول ? لا في مجرد النظر فيما قدر لنا، والله المستعان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام