فهرس الكتاب
الصفحة 177 من 614

.. ج 165: وسطية أهل السنة في هذا الباب المهم تعرف إذا عرف تطرق من خالف في هذا الباب من الفرق، فأقول: لقد خالف في باب القدر فرقتان ضالتان كل الضلال، قد تاهتا فيه أعظم التيه، إحداهما غلت في إثباته، والثانية فرطت.

... فالفرقة الأولى: يقال لها الجبرية، وهم الجهمية نفاة الصفات، لكن في باب القدر نطلق عليهم الجبرية، وهؤلاء يقولون إن كل شيء لا يقع إلا بقضاء الله وقدره، وهذا قول صحيح لا غبار عليه، ولكن يا ليتهم وقفوا عند هذا، بل غلوا في إثبات القدر حتى قالوا: وليس للعبد قدرة ولا اختيار على فعله، بل هو كالريشة في مهب الريح، وكالميت بين يدي غاسله ولا يملك مطلق القدرة ولا مطلق الاختيار، فأنت ترى أن قولهم في باب القدر فيه حق وباطل، فالحق هو إثباتهم للقدر السابق، والباطل سلبهم العبد قدرته واختياره.

... والفرقة الثانية: القدرية وهم المعتزلة، وهؤلاء يقولون: إن العبد له مشيئة وقدرة واختيار على فعله فليس هو مجبور عليه، بل يفعل فعله، بقدرته واختياره، وهذا القدر من قولهم حق لا غبار عليه، ولكن يا ليتهم وقفوا عند ذلك، بل زادوا عليه قولهم، والعبد هو الذي يخلق فعله ولا رابطة بين مشيئته ومشيئة الله جل وعلا، فجعلوه هو الذي يختار ويشاء فعله الاختيار المطلق والمشيئة المطلقة، فعندهم: قد يشاء العبد ما لا يشاؤه الله جل وعلا، فليس هناك مطلق الرابطة بين مشيئة العبد ومشيئة الله عز وجل، وقد انقسموا فرقتين:

... القدرية الغلاة، وهم الذين ينكرون سبق العلم والكتابة، ويقولون: إن الأمر أنف لا يعمله الله تعالى إلا بعد وقوعه من العبد، وهي الفرقة التي كفرها من عاصرها من الصحابة كابن عمر وغيره.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام