.. ج 157: يتم تحقيق الإيمان بهما إذا آمنت بعدة أمور:
... الأول: أن تؤمن إيمانًا جازمًا يقينيًا أنهما موجودتان الآن، أي أنهما قد خلقتا وفرغ من أصل خلقهما، وقد تواترت الأدلة على ذلك:
... فمن ذلك: قوله تعالى في آيات كثيرة بعد ذكر نعيم الجنة: ? أعدت للمتقين ?، وقوله تعالى: ? أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله ?، فهذا إخبار عن أمرٍ وقع في الماضي كما هو مقتضى اللغة التي نزل القرآن بها، وقال تعالى: ? فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ?، وهذا أيضًا إخبار عن أمرٍ مضى مما يدل على أنه أعد ولكنه أخفي عنا، وقوله تعالى في شأن النار في آيات كثيرة: ? أعدت للكافرين ?، وقوله تعالى: ? وأعتدنا للكافرين سعيرًا ?، ونحو هذه الآيات.
... ومن ذلك: قوله تعالى: ? ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ?، وهذا صريح في أنها موجودة الآن وقبل الآن، وخبر الشارح لا خلف فيه.
... ومن ذلك: ما في الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعًا: (( إن أحدكم عرض مقعده بالغداة والعشي فإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله عز وجل يوم القيامة ) ).
... وهذا العرض على الجنة والنار دليل على أنهما موجودتان الآن.
... ومن ذلك: قوله تعالى: ? النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ?، وكيف يعرضون على أمرٍ لا حقيقة له، بل هو في حيز العدم؟
... ومن ذلك: ما في الصحيحين من حديث عمران قال: قال رسول الله ?: (( اطلعت في الجنة فإذا أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء ) )، والاطلاع فيهما دليل صريح على وجودهما وأنهما مخلوقتان الآن.