فهرس الكتاب
الصفحة 143 من 614

.. الرابع: أن الله تعالى أخفى عنا عذاب القبر حتى لا يتنكد عيشنا، ولذلك فإنه قد ورد أن الثقلين لو سمعوا صراخ من يعذب في قبره لصعقوا عن آخرهم، فرحمة منه وإحسانًا بنا أخفاه عنا، فكيف بجعل ما هو رحمة وإحسانًا سببًا لتكذيب الشارع في خبره؟ هذا والله عين قلة الأدب.

... الخامس: أن الله تعالى تعبدنا بأشياء كثيرة ومما تعبدنا به الإيمان بالغيب، فلو أن الله أطلع العباد على نعيم القبر وعذابه لزالت حكمة هذا التكليف أعنى الإيمان بالغيب.

... السادس: أن الله تعالى لو أطلع العباد على عذاب القبر لما تدافن الناس ولبقي الأموات جثثًا هامدة على وجه الأرض لا يجدون من يدفنهم خوفًا من سماع عذاب من أراد الله تعذيبه في قبره ولانتشرت الأمراض وعم الفساد في البلاد والعباد، ولذلك قال: (( ولولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع ) )، ولذلك لما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعت ذلك وأدركته، فالحمد لله على هذه النعمة العظيمة.

... السابع: أن عذاب القبر قد يكشف لمن شاء الله تعالى من عباده كما كان النبي ? يسمع أحيانًا عذاب بعض أصحاب القبور، كما في حديث صاحبي القبرين، وكما في الحديث السابق: (( لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع ) )، وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه (الروح) قصصًا عجيبة في ذلك، فراجعه إن شئت الاستزادة من ذلك، والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام