فهرس الكتاب
الصفحة 533 من 614

.. إذا علمت هذا فأقول: القول الصحيح والرأي الراجح المليح في هذه المسألة هو القول بأن تكاليف الجن تماثل تكاليف الإنس؛ وذلك لأن الآيات والأحاديث الدالة على تكليفهم بشريعة نبينا - عليه الصلاة والسلام - جاءت عامة في كل شيء فإذا ثبت إرساله - عليه الصلاة والسلام - إليهم كإرساله إلينا لزمهم - أي الجن - على هذا الأساس أن يكون التكليف واحدًا، ولكن مع القول باتحاد نوعية التكاليف قد يكون بعض شروط العبادات لا تتحقق فيهم لعدم وجودها في طبيعة خلقتهم، كاشتراط القدرة بالراحلة في الحج، فإنه غير مشترط فيمن يطير منهم، ونحو ذلك، وإلا فالأصل أن التكاليف واحدة، والقرآن والسنة قد علما ولا خفاء فيهما، وقد خوطب بها جميع الثقلين وفيهما كل التكاليف الشرعية التي طولب بها الجن والإنس، فكيف يدخل الجهل في ذلك.

... وبناءً عليه فهم مطالبون بالإسلام والإيمان أي الشهادتين وشروطها الثمانية المعروفة، ومنهيون عن الوقوع في شيء من نواقضها، ومطالبون باعتقاد أهل السنة والجماعة ومنهيون عن سلوك مناهج أهل الأهواء والبدع، ومطالبون بالصلاة وشروطها، وبالزكاة، وبالصوم، وبالحج، وببر الوالدين، وبالصدق، وبالوفاء بالعقود، وأداء الأمانات إلى أهلها، وبالحكم بين بعضهم بالعدل، وبصلاة الجماعة، وبصلاة العيدين، وبالجهاد بالمال والنفس، وهكذا في سائر مأمورات الشريعة، ومنهيون عن الشرك، والسحر والكهانة، واتخاذ الوسائط بينهم وبين الله، وبقتل النفس، وبإيذاء بني آدم بالمس ونحوه، وعن الزنا، والسرقة، والربا، والكذب، والنفاق بأنواعه، وعن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وعن شرب الخمر، وعن الغش، وعن أكل الأموال بالباطل، وعن الظلم والبغي، وعن أكل الحرام بجميع أنواعه، وعن الغيبة والنميمة، وظن السوء.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام