فهرس الكتاب
الصفحة 510 من 614

.. الثالث: من المتقرر عند عامة أهل العلم أن الوقت له أهمية قصوى ومنزلة عظمى، والأدلة في ذلك كثيرة جدًا والذي نوصي به أنفسنا وإخواننا المسلمين عمومًا وطلبة العلم على وجه الخصوص أن لا يشغلوا أنفسهم في تفاصيل هذه الأشراط مما لم يرد به النص، كإشغال النفس بالبحث عن جنس الدابة، وما أصلها؟ ومن أي الدواب هي؟ وأين مكان السد؟ وأين ستكون هذه الخسوف بالتحديد؟ والشمس في غروب دائم باختلاف قرب البلاد وبعدها؟ فيلزم من ذلك أن تكون في سجود دائم، وكيف سيشرب يأجوج ومأجوج البحر وهو مالح شديد الملوحة منافر للطبع لا تطيقه النفس غير سائغ شرابه؟ وهل يمكن لو اجتمع الناس جميعًا أن يشربوا البحر؟ وكيف نتحقق وجود يأجوج ومأجوج وقد امتلأت الأرض وعمرت بالناس وعرفت أجزاءها بالبحث والتنقيب؟ فلم نر سدًا ولا خلقًا بهذه الصفات ونحو هذه الأسئلة التي مؤداها التكذيب بصحيح الأخبار والتشكيك في ثبوتها وهي عند الأمة أثبت من شمس النهار والوقوع فيها تحريفًا وتعطيلاً واستهزاءً وسخرية، وهذا موجب للتقحم في حفر الزندقة والإلحاد والثلوث بدرن النفاق والكفر الذي هو كفر العناد والإباء والاستكبار، فضلاً عن القدح في ناقليها من خيار الأمة، وكل ذلك سببه إشغال النفوس بما لم تكلف به، وإدخالها فيما لا طائل من ورائه ولا ثمرة تجنى من البحث فيه.

... وإذا رأيت من يتكلف ذلك وجدته مقصرًا التقصير الكبير في جوانب الاستعداد ليوم المعاد، فلو أنه أشغل نفسه فيما يعود عليه نفعه في العاجل والآجل لكان خيرًا له، لكنه تسويل الشيطان وغروره وإملاؤه على النفوس بالباطل، ومن المعلوم أن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علمًا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام