الناس: نعم. فقال: (( إنه قد أعجبني حديث تميم لأنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو ) )وأومأ بيده إلى المشرق، قالت: فحفظت ذلك من رسول الله ?.
... فهذا هو خبر الجساسة وشيء من أخبار الدجال، وقف عند ذلك ولا تشغل نفسك عن معرفة مكانه فإنه من علامات الساعة الكبار والفتن العظام، والحمد لله الذي أضلنا عن مكانه، ولا تعرض نفسك للفتنة وكثرة السؤال عن مالا برهان عليه مما يحتاج إلى دليل، وانظر إلى الصحابة - رضوان الله عليهم - فإنهم قد سمعوا هذا الحديث ولم يتكلفوا سؤال النبي ? عن مكان هذه الجزيرة، وإنما هذا دأب الفضوليين الذين كثروا في هذا الزمان، ممن يدخلون أنوفهم فيما لا شأن لهم به، فقف حيث وقف النص وقل: (( آمنا به كل من عند ربنا ) )، ولا تعمل عقلك في الأمور التي هي خارجة عن حد إدراكه فتهلك، وعليك ببذل الجهد في تحصيل العلم النافع والعمل الصالح، ولا تكن كأبي عبية ذي الأفكار والأوهام الغبية، فإنه قد جعل عقله حاكمًا على الأدلة الشرعية، وأعمله إعمال الأحمق في الأمور الغيبية، فجادل في النصوص الواضحات الجلية، ورد كثيرًا من الأدلة الشرعية، بلا برهان ولا حجة نقية غير أنها لم تتوافق مع مدركاته العقلية فاطرحها ورفضها وعاب من يصدقها ووصفه بالأوصاف الردية، ألا فخاب سعيه وشاه مذهبه، ونعوذ بالله من تقديم العقول على الأدلة الشرعية، بل النص عندنا هو المقدم وشأنه هو المعظم فهو الميزان وما سواه فموزون، وهو السابق وما سواه فلاحق، وهو المتبوع وما سواه فتابع، وهو الأصل وما سواه ففرع، فهذا الحديث يجب أن يتلقى بالقبول والإذعان والتسليم وترك الخوض فيما لا طائل من ورائه ولا ثمرة تجنى منه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والله أعلم.