.. الأول: أن يكون عنده علم من الكتاب والسنة يستطيع به أن يدفع ما قد يرد عليه أو يراه من الشبه في أمور الاعتقاد والتشريع، فإن الأمر في بلاد الكفر مفتوح على مصراعيه، فكل أصحاب المذاهب الباطلة والأهواء المختلة والآراء المعتلة يجدون الفرصة لطرح معتقداتهم الفاسدة وتصوراتهم المخالفة للكتاب والسنة، فضلاً عن شبه الكفرة التي يثيرونها حول الإسلام على وجه العموم، أو حول بعض قضاياه وما أكثر هذه الشبه وشدة وقعها على الجاهل الذي لا حظ له من علم النبوة، وقد تقرر أن من الضرورات الخمس التي جاءت بها الشرائع حفظ الدين، فمن لم يك يحمل شيئًا من علم الشريعة الذي يحميه من هذه الشبه فلا يجوز له الذهاب إلى ديار الكفار، وهذا شرط أساسي لابد من مراعاته ولا ينبغي التساهل فيه.
... الثاني: أن يكون عنده دين وورع وتقى يمنعه من مواقعة الشهوات، وذلك لأن بلاد الكفر تعج فيها الشهوات بمختلف أنواعها وتباين أشكالها، وتحصيلها لا كلفة فيه، ففيها الزنا الظاهر، وشرب الخمر الظاهر، وغير ذلك من المنكرات، فلابد أن يكون الذاهب هناك ذا دين وتقى وورع ومراقبة لله تعالى، حتى يكون ذلك مانع له وزاجر لنفسه عن مواقعة شيء من هذه المنكرات، ولكم ولكم رأينا وسمعنا عن أشخاص ذهبوا إلى هناك وليسوا على دين يمنعهم ويزجرهم فغرقوا في مستنقعات الشهوات وعفن المنكرات، فهذا أيضًا شرط أساسي، فلا يجوز للعبد أن يعرض دينه للفتن، فإن العبد لا تؤمن عليه النكسة - والعياذ بالله -.
... الثالث: أن يكون الداعي لهذا السفر حاجة لا تنقضي إلا به، وذلك كعلاج لا يوجد في بلاد الإسلام، أو يوجد فيها ولكن يحتاج المريض إلى تقنية أعلى من التقنية الموجودة في بلاد الإسلام، وكالذهاب للدعوة إلى الله تعالى، وكالسفر لتسويق أو شراء سلع من هذه البلاد الكافرة ونحو ذلك.