الثاني: لزوم الجماعة والحذر من الفرقة فعن أبن عمر رضي الله عنه قال: إن عمر رضي الله عنه خطب بالجابية فقال (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد) أخرجه الترمذي وأحمد وغيرهما وهو صحيح بمجموع طرقه وقال عليه الصلاة والسلام (يد الله على الجماعة الشيطان مع من يخالف الجماعة) أخرجه النسائي. قال ابن القيم رحمه الله تعالى (وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق وإتباعه ون التمسك به قليلاً والمخالف له كثيراً لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا نظر إلى كثرة أهل البدع بعدهم) أ. هـ كلامه رحمه الله تعالى. وقال عليه الصلاة والسلام (يد الله على الجماعة فإذا شذ الشاذ منهم أختطفه الشيطان كما يخطف الذئب الشاة من الغنم) وهو حديث صحيح بشواهده.
الثالث: رد الأمر إلى الرسول وإلى اؤلي الأمر وهم اؤلوا العلم، قال تعالى (( إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى اؤلي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) )فلا ينبغي أن يصدر في أمر الفتن عن الاصاغر وأحداث الأسنان والغوغائيين الذين همهم إثارة الفتن وإذكاء نارها من الذين لا يعرفون بعلم ولا فهم ولا فقه ولا بمراعاة المصالح والمفاسد، وإنما مقصود الواحد منهم أن يروي غليله ويطفي غيض قلبه على المخالف فالواجب ألا يؤبه لهؤلاء الأباعد الأصاغر وحق كلامهم أن يطرح ولا يسمع، بل ولا يمكنون أصلا من مخاطبة العامة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وأن يحث الناس ويوجهون إلى الالتفاف حول العلماء الموثوقين في علمهم وديانتهم وأمانتهم فلا تأخذ الأحكام من هؤلاء، ولا تزال الأمة بخير ما صدرت عن علمائها الراسخين الذين لا يحركهم ولا يوفقهم إلا مراعات المصالح والمفاسد، وهم كثير في هذا الزمان ولله الحمد والمنة.