فهرس الكتاب
الصفحة 380 من 614

ثانيا: وأما إن كان لا يكفر ببدعته وكان داعية إليها فإنه لا يصلى خلفه أيضا إلا إذا كان هو إمام الجمع والجماعات التي لا تصلى إلا خلفه، فإنها حينئذ تصلى خلفه ولا إعادة بل المتخلف عن الصلاة خلف هذا الرجل معدود من أهل البدع، فقد روى البخاري في صحيحه عن عبيد الله بن عدي أنه دخل على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج، فقال: (الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فإحسن معهم وإذا أساؤا فاجتنب إساءتهم) وقد صلى بعض الصحابة خلف أهل البدع كما روى أبو زمنين عن سوار بن شبيب قال (حج نجدة الحروري في أصحابه فوادع ابن الزبير فصلى هذا بالناس يوما وليلة، وهذا بالناس يوما وليلة، فصلى ابن عمر خلفهما فاعترض رجل فقال: يا ابن عمر تصلي خلف نجدة الحروري؟ فقال ابن عمر: إذا نادوا حي على خير العمل أجبنا وإذا نادوا حي على قتل النفس قلنا: لا، ورفع بها صوته. قال ابن حزم رحمه الله تعالى: لا نعلم أحدا من الصحابة رضي الله عنهم امتنع من الصلاة خلف المختار، وعبيد الله بن زياد، والحجاج، ولا فاسق أفسق من هؤلاء أ. هـ قال أبو العباس رحمه الله تعالى: ومما يدل على أن الصحابة لم يكونوا يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم، وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري. أ. هـ كلامه.

وخلاصة الكلام أن المبتدع الذي لا يكفر ببدعته وكان داعية إليها لا يصلى خلفه ولا كرامة له، إلا إذا كان هو إمام المسلمين أو نائبه الذي لا تقام الجمعة والجماعة إلا خلفه، فيصلى خلفه ولا يتخلف عن ذلك إلا مبتدع كما نص عليه السلف والصلاة خلفهم صحيحة فلا إعادة عليه والحالة هذه والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام