ج/ أقول: أما هذا الحديث فقد رواه مسلم رحمه الله تعالى ورفع نزله في الفردوس الأعلى وجمعنا به في الجنة نحن وسائر إخواننا وأخواتنا من المسلمين، وهو واضح الدلالة بين المقصود لا يدل على ما يرده محنوا البدع لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما، وبيان ذلك أن يقال: إن الحديث فيه (من سن في الإسلام سنة حسنة) فليس فيه سوى ذكر السنة الحسنة والسيئة ولم يرد ذكر للبدعة، والسنة في اللغة الطريقة، فالمقصود بالحديث: أن من أتى بطريقة حسنة فسنها للناس فهو من المثابين عليها ولا يمكن تعرف طريفة ما أنها حسنة إلا بدلالة الشرع على تحسينها، فعندما توصف الطريقة بأنها حسنه كما في الحديث فإن ذلك يدل على أن لها أصلاً في الشرع كذلك قال أهل العلم في هذا الحديث ومناسبة الحديث تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلق (السنة الحسنة) إلا على أمر له أصل في الشرع فإن سبب الحديث أنه جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفد من العرب كانوا على غاية من الحاجة والفقر وحث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على التصدق عليهم فجاء رجل من الأنصار فتصدق بصدقة كبيرة ثم تتابع الناس من بعده على التصدق حتى تجمع قدر كبير من الصدقات فأعجب فعل الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحديث فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما قصد بالسنة الحسنة فعل الأنصاري من ابتدائه بالصدقة في تلك الحادثة والصدقة مشروعة من قبل، فتقرر بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أطلق السنة الحسنة على ما هو مشروع في الدين فلا مجال لإقحام البدع تحت دائرة السنة الحسنة إذ البدعة لا أصل لها في الشرع، ولا يمكن أن توصف بأنها حسنة أبداً وقد وصفها أهل أعلم الخلق بالشريعة بأنها ضلالة وبأنها رد، فظهر بهذا بطلان استدلال محسني البدع بهذا الحديث، بل الحديث حجة عليهم فإنه قال (ومن سن في الإسلام سنة سيئة) والبدع كلها سيئة، فأنظر كيف انقلب الاستدلال عليهم وذلك لأنه